موضوع: ذکر الشخص بصفاته المعروفه الدالّه علی العیب / مستثنیات الغیبه
کلام الشهید الثانی فی المقامقال(رحمه الله):«الحقّ أنّ ما ذکره العلماء المعتمدون من ذلک لجواز التعویل فیه على حکایتهم. و أمّا ذکره عن الأحیاء فمشروط بعلم رضاء المنسوب الیه؛ لعموم النهی. و حینئذٍ یخرج عن کونه غیبهً. و کیف کان فلو وجد عنه معدّلاً و أمکنه التعریف بعباره اُخرى فهو أولى».[۱]
و قال المحقّق السبزواریّ(رحمه الله)ذیل هذا الکلام:«هو حسن».[۲]
و قال الشیخ النجفیّ(رحمه الله):«لعلّه لیس من الغیبه؛ لعدم قصد الانتقاص به».[۳]
أقول: لا بدّ من بیان الدلیل للخروج عن الغیبه بعدم الکراهه و بعدم التستّر لا بعدم قصد الانتقاص؛ إذ سبق منّا أنّ قصد الانتقاص لیس شرطاً فی تحقّق الغیبه؛ فإنّها عرفیّ تصدق و لو لم تقصد الانتقاص.
و قال الشیخ الأنصاریّ(رحمه الله):«منها[۴] ذکر الشخص بعیبه الذی صار بمنزله الصفه الممیّزه له التی لا یعرف إلّا بها؛ کالأعمش و الأعرج. و لا بأس بذلک فیما إذا صارت الصفه فی اشتهار یوصف الشخص بها إلى حیث لا یکره ذلک صاحبها. لکن کون هذا مستثنى مبنیّ على کون مجرّد العیب الظاهر من دون قصد الانتقاص غیبهً و قد منعنا ذلک؛ إذ لا وجه لکراهه المغتاب؛ لعدم کونها إظهاراً لعیب غیر ظاهر و المفروض عدم قصد الذمّ أیضاً؛ اللّهمّ إلّا أن یقال: إنّ الصفات المشعره بالذمّ کالألقاب المشعره به یکره الإنسان الاتّصاف بها و لو من دون قصد الذمّ بها؛ فإنّ إشعارها بالذمّ کافٍ فی الکراهه».[۵]
أقول: کلامه(رحمه الله)متین علی مبناه.
و قال بعض الفقهاء- حفظه الله:«ممّا استثنی ذکر الشخص فی غیبته بالشیء الذی صار بمنزله الصفه الممیّزه له التی لا یعرف إلّا بها؛ کالأعمش و الأعرج و نحوها. و لا یخفى أنّ الاستثناء منقطع؛ لما عرفت أنّ الغیبه هی رفع الستر عمّا ستره اللّه. و العیب الواضح لیس ذکره رفعاً للستر. و ذکره بقصد التنقیص حرام لأجل الإهانه و هو خارج عن البحث. و قد عرفت فیما ذکرناه من أنّ المراد من الموصول فی قوله(ص):«ذکرک أخاک بما یکره» هو نفس العیب، لا الکلام؛ فلا یشمل المقام».[۶]
أقول: کلامه- دام ظلّه- متین.
أدلّه علی الثانی عشرالدلیل الأوّل: الروایات.
فمنها:«[۷] عَنْهُ[۸] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ[۹] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ[۱۰] عَنْ صَفْوَانَ[۱۱] عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ[۱۲] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ الْهَاشِمِیِّ[۱۳] عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام)قَالَ:«جَاءَتْ زَیْنَبُ الْعَطَّارَهُ الْحَوْلَاءُ إِلَى نِسَاءِ النَّبِیِّ(ص)وَ بَنَاتِهِ …».[۱۴]
إستدلّ بها بعض الفقهاء[۱۵] .
أقول: الروایه تامّه سنداً و دلالهً، حیث إنّ فعل المعصوم کقوله(علیه السلام)حجّه شرعیّه تدلّ علی الجواز.
و منها:«[۱۶] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَى[۱۷] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ[۱۸] عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ[۱۹] عَنْ أَبَانٍ[۲۰] عَنْ رَجُلٍ لَا نَعْلَمُهُ إِلَّا یَحْیَى الْأَزْرَقَ[۲۱] قَالَ: قَالَ لِی أَبُو الْحَسَنِ[۲۲] (علیه السلام):«مَنْ ذَکَرَ رَجُلاً مِنْ خَلْفِهِ بِمَا هُوَ فِیهِ مِمَّا عَرَفَهُ النَّاسُ لَمْ یَغْتَبْهُ وَ مَنْ ذَکَرَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِمَا هُوَ فِیهِ مِمَّا لَا یَعْرِفُهُ النَّاسُ اغْتَابَهُ وَ مَنْ ذَکَرَهُ بِمَا لَیْسَ فِیهِ فَقَدْ بَهَتَهُ».[۲۳]
إستدلّ بها بعض الفقهاء علی الجواز[۲۴] .[۲۵]
أقول: الروایه تامّه سنداً و دلالهً، حیث تدلّ علی أنّ ذکر الشخص بصفات معروفه عند الناس لم تکن غیبهً. و بذلک یعلم أنّ خروج المورد تخصّصاً، لا تخصیصاً.
و منها:«[۲۶] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ[۲۷] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَى[۲۸] عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ[۲۹] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَهَ[۳۰] قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام)یَقُولُ:«الْغِیبَهُ أَنْ تَقُولَ فِی أَخِیکَ مَا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَمَّا الْأَمْرُ الظَّاهِرُ[۳۱] مِثْلَ الْحِدَّهِ[۳۲] وَ الْعَجَلَهِ فَلَا وَ الْبُهْتَانُ أَنْ تَقُولَ فِیهِ مَا لَیْسَ فِیهِ».[۳۳]
إستدلّ بها بعض الفقهاء.[۳۴]
أقول: الروایه تامّه سنداً و دلالهً، حیث تدلّ علی أنّ الأمر الظاهر المعروف خارج عن الغیبه تخصّصاً.
و منها: مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ[۳۵] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ[۳۶] عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ[۳۷] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ[۳۸] عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ[۳۹] قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام)عَنِ الْغِیبَهِ قَالَ:«هُوَ أَنْ تَقُولَ لِأَخِیکَ فِی دِینِهِ مَا لَمْ یَفْعَلْ[۴۰] وَ تَبُثَّ عَلَیْهِ أَمْراً قَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ لَمْ یُقَمْ عَلَیْهِ فِیهِ حَدٌّ».[۴۱]
إستدلّ بها بعض الفقهاء[۴۲] .
أقول: الروایه تامّه سنداً و دلالهً، حیث تدلّ علی أنّ ذکر الأمر المستور لیس من الغیبه تخصّصاً. و هذا فی مورد عدم تحقّق الکراهه مسلّمه. و أمّا إذا تحقّقت الکراهه فتشمله أدلّه الغیبه (ذکرک أخاک بما یکرهه).
کلام المحقّق النراقیّ بعد إتیان الروایاتقال(رحمه الله):«مقتضاها استثناء کلّ عیب عرفه الناس و لو لم یعرف به. و لکنّ المستفاد منها عدم کون ذلک غیبهً، لا عدم الإثم علیه لو کان ممّا یکره صاحبه لو سمعه؛ فیحرم لو کان کذلک؛ لعمومات حرمه الإیذاء و إظهار العیوب»[۴۳] .
أقول: کلامه(رحمه الله)متین.
الدلیل الثانی: السیره.[۴۴]
قال المحقّق الخوئیّ(رحمه الله):«السیره القطعیّه من حدیث الأیّام و قدیمها، بل و کان هذا مرسوماً بین الأئمّه(علیهم السلام)أیضاً».[۴۵]
الدلیل الثالثالوجه فی جواز ذلک أنّ ذکر الأوصاف الظاهره خارج عن تعریف الغیبه، لأنّها لیست ممّا ستره اللّه، إلّا إذا کان ذکرها بقصد التنقیص و التعبیر، فإنّه حرام من غیر جهه الاغتیاب.[۴۶]
أقول: کلامه(رحمه الله)متین علی مبناه.
الثالث عشر[۴۷] : الاغتیاب لدفع الضرر عن المغتاب.
أقول: تجوز الغیبه إذا کان دفع الضرر عن المغتاب- بالفتح- أو المغتاب- بالکسر- أو الثالث أهمّ من مفسده الغیبه؛ کما قلنا فی المباحث السابقه.
قال الشیخ الأنصاریّ(رحمه الله):«منها دفع الضرر عن المغتاب. و یلحق بذلک الغیبه للتقیّه على نفس المتکلّم أو ماله أو عرضه أو على ثالث ؛ فإنّ الضرورات تبیح المحظورات».[۴۸]
و قال المحقّق الخوئیّ(رحمه الله):«جواز الاغتیاب لدفع الضرر عن المغتاب- بالفتح- کما إذا أراد أحد أن یقتله أو یهتک عرضه أو یأخذ أمواله أو یضرّه بما یرجع إلیه؛ فإنّ غیبته جائزه لدفع الاُمور المذکوره عنه، فإنّ حفظها أهمّ فی الشریعه المقدّسه من ستر ما فیه من العیوب، بل لو اطّلع علیها المقول فیه لرضى بالاغتیاب طوعاً».[۴۹]
أقول: کلامه(رحمه الله)متین.
و قال بعض الفقهاء- حفظه الله:«… جواز الاغتیاب لدفع الضرر عن المغتاب. إذا أراد الظالم هتک عرض امرأه محترمه، فیجوز غیبتها بأنّها مسلوله و مریضه بمرض مُعد[۵۰] ، مع عدم کونها کذلک، دفعاً لشرّ الظالم عنها؛ بل یمکن أن یقال: إنّ هذا خارج عن الغیبه موضوعاً لإحراز رضا المغتاب. و علیه حمل الشیخ ذمّ زراره بأنّ اغتیاب الإمام(علیه السلام)کان لحفظ نفسه عن الضرر و الخطر».[۵۱]
أقول: إنّ کلامه- دام ظلّه- یدلّ علی جواز التهمه لدفع الضرر، فضلاً عن الغیبه، حیث قال:«بأنّها مسلوله و مریضه بمرض مُعد، مع عدم کونها کذلک» فبالأولویّه إذا جازت التهمه لدفع الضرر، فجواز الغیبه بطریق أولی. و هذا صحیح إذا علم برضی الشخص بالتهمه لدفع الضرر و إلّا فلا.